كيف يكون بيتي مرتبًا مع وجود أطفال؟

مرحبًا يا أصدقاء بعد طول إنقطاع،

أشكر لكم حرصكم وعلى رسائلكم، لقد أخذت إجازة مطولة من التواجد على الإنترنت، ولم أشعر حتى الآن أنني مستعدة للرجوع، لكن رسائلكم واشتياقكم أشعل فيني حماس ظننت أنني فقدته جراء وعكة صحية.

طوال شهر رمضان استضفنا أطفال وأمهاتهم بشكل إسبوعي تقريبًا، لأن أطفالي كانوا في إجازة.

كانت هناك مجموعة من التعليقات التي تلقيتها من الأمهات، وقد كتبت التي تكررت منها لأنها قد تكون سلسلة مفيدة لأدون عنها. أول هذه التعليقات هي:

كيف تحافظين على بيتك مرتب (نسبيًا) وجميل رغم وجود أطفال صغار ؟

قبل أن أسرد الأسباب، أود أن أوضح أن عندي عاملة تساعدني باستمرار، أحببت أن أذكر الأمر حتى لا أروج للمثالية الزائفة.

كما أود التفريق بين جمال البيت وبين ترتيبه، قد يكون البيت مرتبًا جدًا لكن ليس جميًلا أو جذابًا أو حميميًا وهذا لا يرجع للذوق فقط بل إلى بعض الإختيارات المعينة التي تساعد أن تضفي جمالًا وحيوية على البيت وسأذكرها في تدوينة مستقلة.

١. تقليل المقتنيات

أولًا ما أريد أن أوضحه هو الآتي، بيتي ليس مرتب لأنني أرتبه باستمرار أو أنني شخصية شديدة التنظيم، بل بيتي مرتب لأن مقتنياتنا قليلة ويسهل إدارتها. عندي قناعة راكزة وهي :المقتنيات الكثيرة عدوة الترتيب، لهذا أنا دائمة التعزيل بشكل شهري وقد كتبت عن عادة التعزيل بالتفصيل هنا. وموقنة تمامًا أن منزل أحلامنا يقطن تحت مقتناياتنا، لن نتمكن من رؤيته إلا بعد التخلص من المقتنيات غير الضرورية.

بيتي صغير، والمساحات محدودة، لذا لا نملك خيارات كثيرة للتخزين. كل شيء نملكه نستخدمه باستمرار. وقبل أن اشتري أي شيء أفكر إن كان هناك مكان لتخزينه أم لا.

٢. تحديد المساحات التي تجذب الفوضى

هناك مساحات محددة في كل بيت تجذب الفوضى، بالنسبة لي هي طاولة الطعام، ومدخل البيت، و أسطح المطبخ، قمت بتحليل دقيق للأغراض التي تتجمع في هذه المساحات وأجدت لها أماكن خاصة، وضعت زواية صغيرة لتعليق شنط أطفالي ومعاطفهم، ووضعت سلة لتجميع كل ما يحتاجونه وقت الخروج مثل القبعات والجوارب حتى يسهل خروجنا. كما وضعت لهم مكان خاص لأحذيتهم (مقتنياتنا قليلة لدرجة أن كل طفل يقتني حذائين فقط).

مما ساعد في ترتيب مدخل البيت هو تخصيص أماكن متفرقة لكل شخص ليضع أغراضه، فأنا لي مكان مختلف أعلق به عباءتي وشنطتي، وزوجي كذلك. وهذا جعل الأماكن أكثر تنظيمًا لأن كل شخص له مساحته الخاصة وأغراضه.

عند ترتيب المساحات يجب أن يكون المكان هو ما يتردد عليه الشخص بصفة عفوية، فأولادي لا يقفون عند المدخل بل يركضون عند طاولة الطعام ليخلعوا أحذيتهم، فوضعت زوايتهم هناك مع كرسي صغير. وأنا أعتدت أن لا أقف عند المدخل بل أن أضع جميع أغراضي على طاولة الطعام، فرتبت مساحتي خلف باب طاولة الطعام.

٣. الحفاظ على المسطحات خالية تمامًا

أعتقد أن هذا السبب الرئيسي الذي يوحي بأن بيتي مرتب، هو المساحات الخالية. لا أسعى لأن أملأ كل المساحات بل استمتع بأن آراها خالية. كل الأسطح في بيتي خالية إلا من شيء واحد نستخدمه يوميًا. فطاولة الطعام تحتوي على مزهرية فقط. أما أسطح المطبخ فجميعها خالية تمامًا إلا من آلة القهوة، احتفظ بكل شيء في الأدراج. لا أحب أن أرى كراكيب على الأسطح حتى لو كنت استعملها يوميًا لا أمانع من أن أخرجها كل يوم من الدرج في سبيل الاستمتاع بالفراغ.

٣. تصميم كبسولة الملابس الموسمية للأطفال

في بداية كل موسم، أرتب ملابس اطفالي. اتخلص من الرث والمهترئ واخزن الجيد الذي صغر. ثم بعد ذلك اطلب من موقع واحد لكل طفل تقريبًا ١٠ قطع جديدة وجوارب وملابس داخلية وملابس النوم وأي ملابس موسمية أخرى. ثم لا اشتري أي شيء آخر طوال الموسم مهما جاءت التخفيضات ومهما رأيت قطع مغرية (إلا في ما ندر أو لمناسبة ما). لكل طفل درجين فقط لجميع ملابسه الموسمية. وكل القطع تناسب مع بعضها. ومنذ أن اتبعت هذا النظام ارتحت كثيرًا، فلا تؤثر فيني أكواد الخصم ولا آخر ما توصلت إليه الصيحات في ملابس الأطفال.

ماذا لو لم يوجد ملابس نظيفة لهم في الصباح؟ وهذا لم يحدث لي قط، هناك ملابس أكثر من أيام الإسبوع، والعاملة تغسل ملابس الأطفال مرتين إسبوعيًا مما يضمن وجود ملابس نظيفة على الدوام.

٤. الجودة وليس الكمية

في كل شيء اركز علي الجودة ابتداء من اللبس والأجهزة والأثاث والألعاب وحتى الطعام، واشتري أعلى جودة يمكنني تحمل تكاليفها. لأن تكلفة السلعة الرخيصة باهضة، بمعنى أننا إذا شرينا شيء رخيص سيبلى أو ينكسر سريعًا وسنضطر إلى استبداله وهذا يجعلنا نخسر المال مرتين والوقت الذي أمضيناه في شراءه مرتين، لكن إن اشترينا شيء ذا جودة عالية فسيبقى وقتًا أطول ويتحمل أكثر.

٥. عدم الانسياق خلف الإعلانات والإستهلاك

كل شيء في العالم الحديث يسعى لسرقة شيئين فقط انتباهك و المال من محفظتك وبموافقتك وسعيك. هل توقفتم مره وسألتم أنفسكم كم مره يطرأ على بالكم “شراء شيء” أو “طلبه”.

طبعًا لا أنكر أنني اشتري وأطلب لكن الوعي بمدى الإستهلاك ضروري، نحن هنا في هذه الأرض ليس لنستهلك فقط، وهذا ما يسعى العالم الرأسمالي لجعل الإنسان مجرد كائن استهلاكي، لا يهمه في يومه سوى ماذا سيشتري وماذا سيشاهد وماذا سيأكل.

في أحد المرات طلبت طعامًا في المنزل، وعندما فتحت العلبة كانت عليها عبارات دعائية “سدت نفسي” صراحة. لا أذكر العبارة بالتفصيل لكن مفادها يجب عليك أن تدلل نفسك وتدلع مزاجك لأن المزاج هو كل شيء بالحياة. وهذا تضليل فاسد! لا يجب أن يكون المزاج هو سيد الموقف! ومتى ما كان الهوى هو الذي يقود الإنسان فعليه السلام. وهذه العبارات التافهة الذي يظنها البعض مجرد إعلانات، هي فعلًا تؤثر في الأفراد وحديثهم الداخلي لأنفسهم.

٦. الأكل في المطبخ فقط للأطفال

هذا القانون سيجعل الفوضى بعد الأكل في مكان واحد وسهل التنظيف، كل الوجبات وحتى الوجبات الخفيفة والحلويات والمثلجات يأكلها أطفالي في المطبخ.

٧. التخلص من السجاد

طبعًا هذا الحل لا يناسب كل البيوت، لكن هذه الطريقة ناسبتني جدًا. عندما كان عندي سجادة كانت تتسخ كل ٥ دقائق مرة بالصلصال ومرة بالألوان ومرة بحبيبات فلين لا أدري من أين أتت. بعدها قررت التخلص من كل السجاد في الصالة وغرفة الأطفال. بيتي كله باركية فالأرضية دافئة ومريحة للمشي والجلسة وحتى الإستلقاء عند اللعب. سيكون هذا القرار صعب لو كانت الأرضية باردة على الأطفال، لكن عدم وجود سجاد جعل الأرضيات لامعة وسهلة التنظيف.

٨. تحديد وظائف مخصصة لكل غرفة في البيت

يجب الإستفادة القصوى من كل غرفة بالبيت عبر تحديد على الأقل وظيفتين وعلى أساسها نرتب البيت. لا أحب الغرف المغلقة التي لا تُستخدم إلا في المناسبات، أرى أن هذا سوء تصميم (إلا إذا كان البيت قصرًا فلا مانع) أحب في بيتي أن كل متر يُستخدم يوميًا:

  • غرفة الأطفال للعب وللنوم.
  • المطبخ للطبخ وأكل الأطفال ومشاهدة الرسوم المتحركة.
  • الصالة للجلوس واللعب الجماعي والقراءة ومشاهدة التلفاز .
  • غرفة الطعام للأكل عندما نكون أكثر من ٤ أشخاص، وبها ٣ أركان للأطفال: ركن الأعمال الفنية، وركن الألعاب التي تتطلب تركيز وهدوء لطفلي الكبير، وركن لتعليق الشنط والمعاطف. حينما أقول ركن فأنا أتحدث عن زواية صغيرة مرتبة فقط.
  • المجلس هو مكان استقبال الضيوف، وقهوة المساء، وجلستي أنا وزوجي حينما ينام الأطفال.

٩.النظر في عادات كل فرد ثم تصميم إسلوب تنظيم وحلول يناسبه

هذه النقطة متعلقة إلى حد ما بالنقطة التي قبلها. لا يكون البيت مريحًا إلا إذا كان هناك انسيابية في استعماله. أحب أن أرى كل فرد ومكان جلوسه الدائم وعاداته اليومية، وعلى إثرها أضع حلولًا مناسبه. عندما لاحظت أن ابني الكبير حينما يريد أن يلعب لوحده ويبني البيوت بالألواح المغناطسية، لكنه لا يجد المكان المناسب حيث أخيه الصغير يداهمه ويهشم إنجازاته. وضعت له ركن في غرفة الطعام وعلى طاولة الطعام المرتفعة بعد أن استبدلت إحدى الكراسي بكرسي خشبي عالي ومناسب لحجمه، ثم وضعت بجانبه عربية متحركة ليضع كل ألعابه الذي يريد أن يلعب بها بهدوء وتركيز. أصبح بعدها يقضي الساعات بانسجام تام وبعيدًا عن أخيه.

١٠. تقنين الألعاب

أذكر إحدى صديقاتي ذُهلت حينما زارتني ودخلت غرفة أطفالي ورأت كل ألعاب أطفالي في خزانة واحدة فقط مثل هذه، وقالت لي هل هذه كل ألعاب أطفالك؟ قلت نعم كلها. قالت هل تحسين بتأنيب الضمير بأنه قد يشعر أطفالك بالنقص لأن ألعابهم قليلة جدً؟ قلت أبدًا. لقد نشأت بألعاب قليلة وأذكر جميع ألعابي. كانت أمي تحتفظ بصندوق واحد متوسط الحجم لكل طفل وهذا مجموع ألعابه ولم أشعر يومًا بأنني لا أملك ألعاب كافية، بل كنت أخترع ما ينقصني واصنعه وأقضي الساعات في التخيل وهذا ما لاحظته في أطفالي. وهنا تدوينة كاملة عن ألعاب أطفالي المفضلة

وأخيرًا لنتذكر أن هذه رحلة طويلة وليست مشروع ينتهي بين ليلة وضحاها، لأن فيها تغيير الكثير من العادات المتأصلة والموروثات غير الواعية. والصيانة الدائمة واليومية لما يدخل إلى البيت من أشياء مجانية وأوراق ومجلات وتوزيعات وهدايا. وأثق تمامًا لن نصل إلى بيت مريح إلا عندما نقضي أغلب الوقت في البيت (وهذا هو الطبيعي) لنعرف احتياجاتنا داخله. لكن ما آراه اليوم هو أن البيت خالي معظم الوقت، والأغلب يتسكع خارجه ولا يستأنس الجلسة بالبيت.

مخرج:

“العودة إلى البيت رغم أنها أكثر الأفعال اعتيادية، تبقى أجمل ما يمكن أن يفعله المرء على الإطلاق.”

تدوينات ذات صلة:

ماذا عنكم يا أصدقاء، شاركوني تجاربكم أو اسئلتكم في التعليقات


3 thoughts on “كيف يكون بيتي مرتبًا مع وجود أطفال؟

  1. انا اتبع تقريبا اسلوب مشابه لاسلوبك وأجد راحة وانسيابية واطفالي يستطيعون اللعب والركض والمرح بارجاء المنزل بكل سهوله وسلاسة لاشي في منزلي يوترني او يوترهم .. الترتيب والتنظيف سهل والجلوس سهل والتخلص من الزائد عن الحاجة سهل ويتم بشكل دوري واسلوبي بالشراء مطابق لاسلوبك تماما تماما دهشت لدرجة كأني انا من كتب الكلام ودربت نفسي على قاعدة وهي مااستطيع العيش بدونه يعني انه لاداعي لشراءه لذا اصبحت الصينية الموردة في اعلان محل الاواني المشهور لاتغريني حتى وان كانت بخمس ريالات لاني ببساطه لااحتاجها واستطيع العيش بدونها لان لدي بديل وهو الصينيه البيضاء

  2. استمتعت بقراءة مقالك الرائع واعجبتني طريقة حلك لمناطق الجذابة للفوضى حقا نحن نحتاج الى مسكن راحة بارك الله فيه

اترك رد