العائلة النرويجية التي أبهرتني

اهلًا يا أصدقاء،

تعرفت على صديقتي الكندية جولي قبل ٨ سنوات تقريبًا، ومنذ ذلك الوقت ونحن أعز صديقات.

عاشت جولي في اكثر من ١٠ بلدان، وعملت بها كمعلمة للغة الإنجليزية، وهي حاليًا تعمل مديرة لمعهد للغة الإنجليزية في إيطاليا. وبسبب هذه التنقلات المكوكية، فهي تحمل في جعبتها الكثير من الحكايا الممتعة والساحرة.

إحدى هذه الحكايا الآسرة، قصة صبي نرويجي وهي قصة أفكر فيها كثيرًا وأحب أن أقصها لكم.

ذهبت جولي في إحدى رحلاتها إلى النرويج، وهناك دعتها عائلة نرويجية للعشاء في بيتهم (تربطهم علاقة صداقة قديمة) هذه العائلة تتكون من أم وأب وأطفالهم: ابنتان أعمارهما ١٤ و١٢ عام وصبي عمره ٩ أعوام.

وعندما حان وقت العشاء لاحظت جولي الصبي مشغول في المطبخ يغلي الماء ويحضر الأواني ويجهز سفرة الطعام، عندها سألت الأم عن ماذا يفعل الصبي في المطبخ؟ قالت الأم إنه يطبخ لنا العشاء، إنها ليلته!

سألتها جولي عمَ تعني بهذا الأمر؟ فردت عليها الأم بأن كل فرد من أفراد العائلة له ليلة محددة يطبخ فيها العشاء وهو مسؤول عن كل ما يتعلق بالطبخ من ابتكار الوصفة وتجهيز المقادير وغسيل الأطباق وتجهيز السفرة.

وقفت جولي مشدوهة وقالت للأم “أتعنين أن هذا الصبي ذو التسعة أعوام سيطبخ لنا وجبة العشاء لنا كلنا الليلة؟”

فأومأت الأم بالإيجاب.

طلبت جولي من الأم أن توضح لها أكثر عن هذا النظام، فقالت لها الأم بأن أغلب العائلات النرويجية تتبع نفس الطريقة في إدارة وجبة العشاء حتى يتشارك جميع أفراد العائلة هذا العبء ولا يقع على كاهل الأم وحدها.

عادة يبدأ الأطفال في الطبخ عندما يبلغ أعمارهم إحدى عشر سنة لكن ابنها كان يحب الطبخ كثيرًا وراقب أختاه عن كثب وهما تعدان الطعام كل يوم، لذا طلب أن تكون له ليلته الخاصة منذ عمر الثامنة.

في البداية تدخل الأم والأب مع الطفل للمطبخ ويدربونه على استعمال السكين وعلى مهارات الطبخ والتنظيم أثناء الطبخ وبالتدريج يبدأ الطفل بإعداد الطعام حتى يتمكن من إعداد وجبة كاملة بمفرده.

تتكون هذه العائلة من خمسة أشخاص، لكل شخص يوم محدد ليعد العشاء، أما إجازة نهاية الأسبوع فيوم السبت يخرجون للعشاء في مطعم مفضل، والأحد يقضونه عن بيت جدتهم.

وهذا يعني أن الأم تطبخ وجبة العشاء مرة واحدة في الأسبوع! وكذلك كل فرد من أفراد العائلة، ممايجعل الأمر سهلًا بل وممتعاً.

وتعلق الأم جدولًا على الثلاجة يكتب كل شخص الوجبة التي سيعدها بالإضافة إلى المقادير التي سيحتاجها في الطبخ. حتى اذا ذهبت للبقالة تشتري كل ما يحتاجونه لأطباقهم.

حقيقة إنه أمر مبهر، يتعلم منه الأطفال العديد من الدروس منها المشاركة في أعباء المنزل، والتخطيط المسبق، والطبخ، والتنظيم، والاعتماد على النفس.

حسنًا أعرف أن منكم من يتساءل عن الطبق الذي أعده الصبي، أعد طبق نرويجي تقليدي وهو مرق كرات السمك وأعد طبقًا جانبيًا من السلطة.

طفلي الكبير (٥ سنوات) يحب الطبخ كثيرًا، واسمح له بإجازة نهاية الأسبوع أن يعد لنا شطائر البيض، يتحمل مسؤولية المهمة تمامًا من اخراج كل المحتويات من الثلاجة إلى تجهيز الخبز ووضعه في الحماصه، إلى فقش البيض وقليه وأخيرًا إلى تقديمه على الطاولة.بالطبع أقف معه لأتأكد من سلامته وأشرف عليه، وأساعده إن احتاج إلى مساعدة، لكن بالمجمل هو يقوم بأغلب المهام ويشعر بعدها بزهو وثقة بأنه “طبخ” لنا هذه الشطائر.

ولتشجيعه اقتنيت له كتاب للطبخ للصغار ومجموعة سكاكين مناسبة للأطفال (بتوصية من الصديقة سارة)، وبين كل فترة يختار طبق من كتابه لنعده سويًا، وهنا بعض المنتجات التي ساعدتني في جعل هذه التجربة ممتعة:

١. كتاب الطبخ الذي اقتنيته

٢. عتبة ليقف عليها الأطفال

٣. مريلة وقبعة طبخ

٤. سكاكين تقطيع بلاستيكة

بعد هذه القصة، أصبح عندي فضول عن طريقة تربية النرويجين -والشعب الإسكندنافي بشكل عام- لأطفالهم، واستعارة الأساليب التي تناسبنا، ووجدت عدة كتب سأشاركها هنا إن أردتم الإطلاع عليها، لقد قرأت الكتاب الرابع وكان لطيفًا وبه بعض الأفكار الجميلة. لكن يجب أن أنوه بأمر، بأن من يقرأ الكتب الأجنبية يجب عليه أن يقرأ بعين ناقدة، ولا يأخذ كل ما يقلونه بأنه أحسن شيء، إنها مجرد أفكار العديد منها مغلوطة والقليل منها يناسبنا.

ماذا عنكم يا أصدقاء، هل يساعدكم أطفالكم في المطبخ؟ وهل لهم مهام محددة؟ وما أكثر شيء أعجبكم من هذه القصة؟ شاركوني في التعليقات

ولا تنسوا متابعة حساب المدونة الجديد على الإنستقرام هنا والإشتراك في النشرة البريدية هنا


7 thoughts on “العائلة النرويجية التي أبهرتني

  1. عندما كنا ثلاثة أطفال صغار كانت الوالدة تداول بيننا ثلاثة أعمال منزلية بعد تناول الغداء يوميا، ترفيع السفرة والمطبخ، وغسيل المواعين، وكنس الصالة، كان روتينا منضبطا لما لا أحصي من السنوات، ومعه بذر أبونا فينا أهمية مشاركتنا لأمنا في المنزل وعدم الاقتصار على التزاماتنا الشخصية كالدراسة.

  2. من المهام الذي اسندها لأولادي: غسل الأواني، كنس المطبخ و غرفة الأكل، ترتيب فراشهم و كنس غرفتهم، و كذا الإعتناء بنباتاتهم. العمل يكون بالتناوب طبعا.

  3. تدريب الاطفال على المشاركة في اعمال البيت فكرة جيدة، كغسل الاواني وترتيب الغرف…الخ لكن الطبخ بالتدريخ، البداية تكون بتعليم أطفالنا كيفية غسل الخضروات ثم طريقة تقطيعها، وبعد ذلك يأتي الطبخ، ويكون بوجبات بسيطة وخفيفة وبرفقة الابوين.وهذا مخططي في تدريب أطفالي في اعمال البيت.

  4. ماأبهرني في القصه
    اعتماد العائله كليا على الطفل ذو ال ٩ أعوام لإعداد الطعام للضيوف
    واحترامهم لنظامهم مهما حصل
    شكرا لك مها

اترك رد