غرفة الهوايات

أهلًا يا أصدقاء،

أكثر سؤال أحب أن أسئله الأمهات هو “ماذا تحبين أن تفعلين بعدما ينام أطفالك”

إجابتهن تفتح لنا مجال واسع من المناقشات غير المنتهية، ونافذة على عالمهن الصغير بدون أطفالهن، والكثير الكثير من الإكتشافات حول هواياتهن والأمور المحببة لهن.

مؤخرًا، سألت إحدى قريباتنا كيف تقضي وقتها بعدما ينام أطفالها، وهي سيدة في منتصف العمر، ابنتها الكبرى بنفس عمري. ولم تجب على سؤالي، بل قالت ” تعالي معي” وأخذتني إلى سطح بيتها وعندما فتحت باب السطح تفاجأت ببستان هي زرعت كل محاصيله، وأخذتني في جولة لتشرح لي وتهت بين محاصيل الطماطم والخس بأنواعه والخيار والفلفل والورقيات والعطريات، وكل نبتة عليها ملصق يبين فيه اسمها والتاريخ الذي زرعت به وبعض المعلومات التي لم أفهمها.

وبعد هذا البستان المصغر، وضعت لها جلسة لطيفة وقالت لي هنا أقضى صباحاتي فيما الأطفال نيام (روتين التعليم عن بعد) أشرب قهوة الصباح وأسقي زرعي وأشذبه بينما استمع إلى تلاوات عذبة من إذاعة القرآن.

وأعطتني فجل طازج من محصولها لأجربه، مقرمش ولذيذ، وفكرت فورًا في طريقتي المفضلة لأكل الفجل والتي استوحيتها من رواية فرنسية قد قرأتها قبل سنوات ولا أذكرها بالتحديد. وهي تقطيع شرائح الفجل وصفها على شريحة من خبز الباقيت الفرنسي المدهو بزبدة غير مملحة (عالية الجودة، يفضل فرنسية من كارفور) ورش حبيبات الملح البحري عليه ثم تزينه بأي من ورقيات خضراء طازجة: ريحان، أو شبث، أو بقدونس، أو إكليل الجبل.

وعندما سألت نفس السؤال لقريبة أخرى بنفس العمر تقريبًا، أخذتني هي أيضًا إلى بلكونة مغلقة متصلة بغرفتها، حجمها طولي وصغير، كل جدرانها زجاج وتطل على حديقة المنزل، رغم صغر مساحة البلكونة إلا أنها مُستغلة بشكل مبهر. ففيها جلسة صغيرة تتوسطها طاولة يزينها مفرش كروشية أنيق، وأرفف للقهوة وملحقاتها. وطاولة عليها ماكينة خياطة ودولاب يضم العشرات والعشرات من الخيطان الملونة والأقمشة المتنوعة وكتب فيها باترونات مختلفة. أما أعمالها اليدوية الفريدة التي تشمل الحياكة والكروشية والتطريز والتضريب فإن عينات منها تملأ لمكان، وتتخلل الغرفة آنيات الزرع شديدة الخضرة.

وبعد أن شاهدت غرفة هوياتهن، أخدت أفكر بمكان لي ولهواياتي. بيتي صغير ولا أملك غرفة شاغرة لتخصيصها للهوايات حاليًا، لكنني فكرت باستعمال المتاح لي واستغلال كل الإمكانيات. رتبت لي ركنًا صغيرًا في الصالة ليصبح ركن القراءة، كان عندي أريكة استرخاء Lazy Boy اشتريته من أيام الجامعة بمكافأتي، وانتقل معي لبيتي، ثم أصبح كرسي الرضاعة في غرفة أطفالي، والآن رجع مرة أخرى ليصبح كرسي للقراءة والإسترخاء، وضعت بجانبه طاولة عليها كل كتبي التي أقراءها حاليًا ودفتر ملاجظات وقلم هايلايتر (و سلة الصباح ) كما وضعت مكان لكوب القهوة وأباجورة. ووضعت على الكرسي مخدة مريحة وولحاف صُنع يدوي من إحدى سفراتي. أجلس على الكرسي كل يوم للقراءة، وكم هو مريح أن يكون كل شيء بجانبك والإضاءة مناسبة تمامًا للقراءة.

الهواية الأخرى التي أمارسها هذا الشتاء هي تركيب الأحاجي، اشتريت صندوقين من الأحاجي عليه رسمات مبهجة، وكل ليلة بعد ما ينام أطفالي وانتهي من نصاب القراءة اليومي، اركب الأحاجي واستمع إلى كتاب صوتي أو محاضرة مقررة من منهج أكاديمية الجيل الصاعد بينما أشرب الزنجبيل بالليمون الدافيء . وخصصت لها مكانًا في غرفة الطعام، حيث اشتريت فلينة كبيرة لأضع عليها قطع الأحاجي، وعندما أنتهي أغطيها بسفرة بلاستيكية شفافة من محلات الكماليات ، حماية لها من الأيدي الصغيرة.

لا يلزم الأمر أن يكون عندنا مكان كبير ومهيأ لممارسة أي هواية، إن ركن صغير أو درج أو حتى رف مرتب يكفي ليعطينا الشعور بأن هناك مكان خاص يجمع كل الأشياء لممارسة هواياتنا.

ماذا عنكم يا أصدقاء، ما الهوايات التي تمارسونها حينما ينام أطفالكم؟

شاركوني بالتعليقات

مخرج:

لا يمكنك إزالة الضغوط من حياتك، لكن عدم وجود هوايات، أو مهارات، أو أوقات استرخاء، يزيد من ألم تلك الضغوط، لا يعقل أن تتعرض للضغوط ثم تجلس في أوقات فراغك بلا نشاط وبلا هدف، إن ما تفعله أوقات الفراغ هو تحصين من المزاج المتعكر، فرق بين الرياضة والنوم الذي يتبعه نوم.

-أسامة الجامع.

تدوينات ذات صلة:


5 thoughts on “غرفة الهوايات

  1. هناك أيام يتوق فيها القلب للقاء ما نحب..وإن كان ما نحب هوايه نمارسها على هامش يوم مكتظ ومزدحم..أن نمنح أنفسنا ساعات رائعة هو جُل ما نستحق..

  2. البستانُ فوق السطح، الشرفة المطلّة على الحديقة، حلولُ الربيع على البستان، وغمورُ الدفء للشرفة تخيّلت ذلك بينما تقوم السيدتان بممارسة هوايتهما واستراق دقائق أو سويعةً من وقتهما المزدحم، أردتُ أن أقول شكرًا لهذه الكلمات الباعثة للأمل، لكنّني أضفتُ إليها البارحة ” لديّ زاويتي الجديدةُ للقراءة أيضًا مها!” انبعثت في داخلي روح التغيير فجأة وصارت لديّ زاويةٌ لهواياتي أنا الأخرى💕.

اترك رد