اهلًا يا أصدقاء،
منذ عدة سنوات استأجرنا بيت صغير في واشنطن ومكثنا فيه ١٠ أيام، كان البيت صغيرًا جدًا يتكون من غرفة نوم واحدة وصالة متصلة بالمطبخ ودورة مياه وغرفة صغيرة جدًا للغسيل.
البيت رغم صغره إلا أنه يوجد به كل شيء احتجته فالمطبخ مزود بآلة قهوة، وأكواب قهوة، وصحون، وملاعق، وقدور للطبخ وآواني بلاستيكية للأطفال و بهارات أساسية للطبخ وحتى أكياس للقمامة، وصابون للجلي.
أما دورات المياه فكانت مزودة بمناشف نظيفة وشامبو وحتى القطن وأعواد الأذان.
وكانت الصالة فيها رفوف للكتب ومجموعة من الألعاب اللوحية للعائلة.
وغرفة الغسيل تحوي على الغسالة والنشافة وصابون وملطف الغسيل وطاولة كي قابلة للطي.
وخزانة صغيرة في الصالة تحتوي على مكنسة التنظيف.
وفي كامل البيت، توجد لوحة واحدة فقط كبيرة داخل إطار لم أفهم في بادىء الأمر ما أهميتها، ولماذا هي بالذات تتوسط البيت، لكن بعد تأمل وبحث اكتشتف أنها بوستر مكبر لعرض مسرحي موسيقي (برودواي) قد حضرته صاحبة المنزل وطلبت من جميع الممثلين توقيعه!
وأكثر ما جذبني في المنزل رغم صغر حجمه، هي المساحات الخالية، فطاولة الطعام (التي هي جزء من الجزيرة في المطبخ) خالية تمامًا إلا من إناء كبير لوضع الفواكة. وحتى طاولات الخدمة في المطبخ، خالية إلا من آلة القهوة.
أمدني ذلك البيت بشعور لازلت أطارده، وهو شعور الراحة بالإكتفاء بأقل القليل، البيت كان صغير وأغراضه محدودة جدًا إلا أننا لم نشترِ أي شيء آخر لنشعر بالراحة في البيت سوى الطعام.
أحاول منذ سنوات جلب هذا الشعور لبيتي وهو شعور الخفة والأدراج التي تنفتح بانسيابية بدون أن تعيقها قشارة البطاطس، وفتح دواليب ملابس صغاري وأن أجد لبسًا صالح للبس وعلى مقاسهم بسرعة بدون المرور بثلاث قمصان صغيرة أو بها بقع لم نستطيع إزالتها، وفتح الثلاجة واستغلال كل ما بها لسهولة رؤيته وعدم فساد أكلة ما لأنني نسيتها ولم أرها، وأن يكون البيت في أغلب الأوقات مرتبًا (إلى حد ما) لأن الممتلكات قليلة ولا تسيطر على كل مساحة في البيت.
مضى على هذه الرحلة ٣ سنوات، ولازلت في طريقي لإيجاد تلك الخفة، مع إنني أشعر أنني أحرزت تقدمًا كبيرًا إلا أنني لم أصل بعد. لست مستعجلة لأن هذه الخفة ليست تخلص من مقتنيات وحسب، بل هي معرفة ماذا تحتاج عائلتي بشكل يومي وإسبوعي وموسمي، وإدارة المشتريات التي تدخل البيت، وإيجاد مكان لمقتنيات كل شخص في البيت، وجدولة زيارة لشركات التدوير بشكل شهري (نعم شهري حتى أغصب نفسي على التعزيل) ومحاولة تدوير الأشياء التي لاتزال في حالة ممتازة للعائلة والأصدقاء، والأهم من ذلك كله تهذيب العادات الشرائية والإستهلاكية. واتباع نظام “ليس كل ما ينقصنا نحتاجه” كما ذكرت الصديقة نجود.
قرأت عن سيدة تحتفظ بصندوق بجانب مدخل بيتها الداخلي، فيه كتب وألعاب وملابس بحالة ممتازة لم تعد هي وعائلتها بحاجتها، وتطلب من أي شخص قادم لزيارتهم أن يطّلع على هذا الصندوق وأخذ ما يحتاج منه.
أعجبتني فكرتها، وطبقتها مع الكتب التي لم أعد أرغب بها. وكل شخص يأتي لزيارتي أعطيه كيس الكتب ليتفقده مع إعطائه نبذه قصيرة عن كل كتاب.
وقد شاهدت فيديو على يوتيوب يعرض فكرة راقت لي كثيرًا، ومفاداها أن الشخص عندما يعرض بيته للبيع في أمريكا فإنه مطالب تنفيذ قائمة طويلة من الصيانة والتعديلات والترتيبات على البيت ليكون بأفضل حالاته إطلاقاً حتى يمكن لصاحب مكتب العقارات بيعه بربح لصاحب البيت. لكن ماذا لو طبقنا هذه القائمة الطويلة لنستمتع نحن ببيوتنا؟
تتضمن القائمة التالي:
- التخلص من ثلث المقتنيات في البيت.
- إيجاد مكان مخصص لكل شيء في البيت.
- إخلاء أسطح الطاولات (طاولات الطعام والمطبخ والصالة والتسريحات والكمودينات) من المقتنيات والإبقاء على الضروري فقط.
- اختيار الديكور والإكسسورات بشكل يعكس على شخصية القاطنين واحتياجاتهم، وليس أشياء قص ولزق من بنترست.
- تنظيف دورات المياه وتقليل المقتنيات فيها لتعطي شعور دورات مياه الفنادق.
- العناية بالمنطقة الخارجية للبيت ووضع إصيص الزرع في الزاويا وإعادة طلاء الجداران المتآكلة وترتيب ركن الألعاب الخارجية للأطفال.
- تنظيف عميق للبيت وتعقيمه (مثل تنظيف الأسقف والستاير والمراوح والجبس والثريات).
- تنفيذ الإصلاحات الصغيرة (مثل تغيير الأنوار، أوإصلاح الجرس، أواستبدال البلاطة التي تآكلت من ضغط السيارة في القراج)
- تنفيذ الإصلاحات الكبيرة (مثل بناء مستودع صغير وراء البيت، أوإعادة طلاء كامل البيت من الخارج)
وأنتم يا أصدقاء، ما الشعور الذي تحاولون إيجاده في بيوتكم؟ وهل ما عملتم من أجل تحقيقه؟
شاركوني في التعليقات، فهي الجزء المثري لي في المدونة.