
اهلًا يا أصدقاء،
أكثر سؤال يأتيني في حياتي هو “كيف عندك وقت تقرأين كل هذه الكتب”؟
تقريبًا بشكل شهري يأتيني هذا السؤال، ومن كل الأشخاص سواء الصديقات أم القريبات أم الأهل و حتى الأصدقاء الإفتراضيين على شبكة الإنترنت.
لذا قررت أن أكتب عنها لعلني أفيد أحدكم ويجد طريقة تعجبه لتبني هذه العادة التي بالفعل هي أسلوب حياة.
أقرأ من ٥-٨ كتب كل شهر تقريبًا. قد يكون هذا العدد غير معقول بالنسبة لأحدكم لكنني لم أصل إلى هذا الرقم بيوم وليلة، بل بعد سنوات وسنوات من الممارسة حتى أصبحت القراءة جزء لا أتنازل عنه في يومي، مهما كنت مشغولة، فهناك وقت للقراءة في جدولي لأنة ركيزة أساسية في يومي.
أعتقد أن قراءة كتاب واحد في الشهر هو هدف معقول للبداية، ثم بالتدريج والإلتزام والإنضباط سيصبح هناك عطش للمزيد.
إن السبب الأول الذي أعزو إليه حب القراءة والثقافة بشكل عام هو أبي، فنشأت آراه يقرأ بنهم كل يوم، ويقص علي مختلف القصص. ويصحبني إلى المكتبة ويجلب لي مختلف الكتب، ودائمًا يقترح علي عناوين حتى أحببت القراءة.
ثم بعد ذلك أستاذتي العزيزة في مرحلة المتوسطة أ.مها التويجري في مدارس الفجر الأهلية (التي أتمنى من كل قلبي أن أعثر عليها، ساعدوني إن استطعتم أرجوكم! كل ما أتذكره عنها أنها من التويجري القصيم، وعندها أخت اسمها نادية، وأعتقد ولكنني لست متأكدة أن والدها اسمه سعد). استشفت معلمتي حبي للقراءة، وبدأت تعيريني كتب من مكتبتها الخاصة. أول كتاب أعارتني إياه “هكذا علمتني الحياة” للسباعي والذي قرأته في يومين ثم أعدته لها، ثم بعد ذلك أعطتني كليلة ودمنة، وقرأته بنهم، ثم بعد ذلك أعطتني ديوان إليا أبو ماضي الذي يحتوي كل أعماله وصار بيننا هذا الطقس الذي أحببته وأخبئ ذكراه في مكان عزيز جدًا في قلبي.
لا أذكر يومًا مر علي بدون أن أقرأ منذ سنوات، بل حتى على سرير المرض (والولادة) كانت كتبي معي. إن القراءة هي الطريقة التي تمتص قلقي وتجعلني أهدأ لألتقط أنفاسي وأنسى نفسي ما بين السطور.
ودائمًا اشعر بأن نشر ثقافة القراءة هي من إحدى رسائلي بالحياة، فأنا أتحدث عن الكتب في كل مجلس، وأهدي الكتب التي أجدها مناسبة لصديقاتي وأقيم مسابقات للقراءة لأخوتي الصغار وأصحب ابنائي للمكتبة دوريًا.
وأحرص أن يشاهدني ابنائي اقرأ، لأن القدوة بالفعل لا بالقول. وقد كتبت موضوع مفصل في كيف نحبب أطفالنا للقراءة هنا.
وأما الآن بعد هذه المقدمة، كتبت لكم بعض الطرق العملية لتجدون الوقت للقراءة
” إن الأثرياء يستثمرون بأوقاتهم، بينما الفقراء يستثمرون بأموالهم”
تحديد أهداف صغيرة:
حددي كم صفحة يوميًا عوضًا عن كم كتاب ستنهي في السنة، ابدئي بعدد صغير ثم زيديه تدريجيًا، مثلًا ٥ صفحات باليوم إلى أن تصلين إلى ٢٥ صفحة لأنك حينما تصلين إلى ٢٥ صفحة يعني ستقرئين ١٠٠ صفحة كل ٤ أيام، أي ١٠٠٠ صفحة في ٤٠ يوم!
استعملي المنبه:
ضعي المنبه لمدة ١٠ دقائق مثلًا وابعدي الجوال عنك، واقرئي حتى تنتهي هذه العشرة دقائق.
اقرئي في الصباح:
- أحب القراءة في الصباح حينما أبدأ يومي، لا أحب بل أمقت أن ابدأ يومي بتفقد الجوال. لأنني أحس إن فعلت هذا، يسرق الجوال أجمل لحظات الصباح مني ويتحكم في مزاجي. وبالطبع تختلف عادة القراءة بالصباح باختلاف الموسم الذي أعيشه.
- فمثلًا عندما لا يكون عندي التزامات في الصباح أحب أن أقرأ حالما استيقظ وأنا لازلت في السرير، كنت افعل هذا كثيرًا قبل الأطفال لكن الآن تغيرت هذه العادة قليلًا.
- أحيانًا في إجازات نهاية الأسبوع استيقظ وأبقى في السرير لأقرأ لمدة نصف ساعة، وهذا بالنسبة لي تعريف للرفاهية.
- أما إذا كان صباحي محموم وأجهز نفسي والأطفال للخروج للدوامات، فعادة أقرأ حالما أصل للمكتب وأنا أشرب قهوتي.
اجعلي القراءة ممتعة:
عندما تجعلين عادة ما ممتعة فإن ستتحمسين على إنجازها، ومن خلال خبرتي إن ما يجعل القراءة ممتعة بالنسبة لي هي:
- بإمكانك الذهاب إلى مقهى قريب وهادئ للقراءة
- أو إذا كنتِ بالدوام بإمكانك الذهاب إلى الساحات الخارجية (إن وجدت)
- إذا كنتِ بالبيت فبإمكانك تشغيل الرسوم المتحركة للأطفال، والذهاب لغرفتك وإغلاقها وإشعال شمعة مفضلة.
- إذا نام الأطفال، تعبئة حوض الاستحمام، والتمتع بحمام دافئ و أملاح تمتص تعب اليوم وصابون استحمام ذو فقاعات برائحة الخزامى.
اختيار الكتاب:
- يجب أن تبدئي بالعنواين التي تعجبك لا ما يعجب الناس أو تصدرت قوائم الأكثر مبيعًا. إن كنتي من محبين الرواية أو الألغاز أو حتى القصص المصورة فإبدئي بذلك، تذكري نحن الآن فقط نريد أن نبني العادة فلا تركزي أن تكون الكتب ذات فائدة كبيرة في البداية.
- نوعي في اختيارتك حتى تكتشفي ذائقتك، اقرأي سير ذاتية، وكتب دينية، وأدبية، وأشعار. قد تتفاجئين بذائقتك.
إزالة المعيقات:
- المعيق الأول للقراءة: الجوال، اغلقي الجوال وابعديه عندك.
- إن كنتي تحبين الكتابة والتخطيط على الكتاب، فجهزي مقلمة فيها أقلام وملصقات للملاحظات ومؤشرات للكتب كل الذي تحتاجينه قبل البدء
- إن كنتي في مكان فيه ازعاج، فليكن معك سماعات مثلًا.
- تنازلي عن مشاهدة المسلسلات بشكل مبالغ به، لا بأس بمشاهدة برنامج واحد أو حلقة من مسلسلك المفضل يوميًا، لكن الذي لا أفهمه هو مشاهدة جميع الحلقات في يوم واحد. تذكري إن كان وقتك كله في التوافه فلن يبق وقت للعظائم.
- قنني وقت استخدامك لقنوات التواصل الاجتماعي، واسألي نفسك هل الأوقات الضائعة على هذه القنوات عادت عليك بالفائدة التي تعادل الوقت المهدر عليها؟
اقرئي قبل النوم:
- لا أعتقد أن هناك عادة أسوأ من تصفح الجوال قبل النوم، فإنه يطرد كل النعاس. عادة أذهب قبل موعد نومي بنصف ساعة حتى اقرأ ويغالبني النعاس اللذيذ، لا أتذكر أنني نمت بدون قراءة ابدًا منذ طفولتي.
- قبل النوم أحب قراءة الروايات والكتب الخفيفة.
استغلال الأوقات الضائعة:
- خذي معاك كتاب دائمًا في الشنطة، واستغلي دقائق الإنتظار عوضاً عن التنقل بلا هدف بين قنوات التواصل الاجتماعي.
- استفيدي من الكتب الصوتية أثناء تنقلاتك، وأثناء عملك في المنزل، وأثناء طبخ الغداء، وغسيل الأطباق. حاولي أن تسمعي كتب صوتية أكثر من البودكاست، لأن البودكاست مهما كان مفيدًا ومثيرًا للاهتمام، إلا إنه في نهاية المطاف معرفة سطحية، لا تبني لك معرفة كما يبنيها لك الكتاب. لا ضير أن تسمعيهم بالطبع فأنا أحب البودكاست كثيرًا، لكن ٨٠٪ من الوقت أختار أن استمع إلى كتاب.
- أمثلة على اشتركات لكتب صوتية : أودبل من أمازون للكتب باللغة الإنجليزية ضاد و ستوري تيل للكتب العربية
استثمري في قارئ إلكتروني:
- فإنها خفيفة يسهل حملها إلى كل مكان وتتسع لمئات الكتب، وطريقة الشراء والتحميل سهلة جدًا. أملك جهاز كيندل منذ عام ٢٠٠٧ تقريبًا أي منذ العام الأول من إصداره، واشتريت آخر حديث قبل ٣ سنوات تقريبًا وأعده من أغنى مقتنياتي.
خططي لقرائتك
- إعرفي مالكتاب الذي ستقرأينه حالما تنتهين من الذي بيديك. ليس بالضرورة أن تبدئي مباشرة، لكن معرفة الكتب الجاهزة للقراءة يساعد كثيرًا في استمرار العادة، وعدم تضييع الوقت في البحث عن كتاب مناسب.
- كل ما تحتاجيه هو نصف ساعة، ابحثي فيها عن الكتب التي تجذب اهتمامك والتي تودين قراءتها، استخدم موقع قودريدز لمعرفة بعض القوائم ومشاهدة مالذي يقرأه الأشخاص التي تجمعنا ميول مشتركة، كما أنني اعتمد على خوارزميات أمازون واقتراحاته على حسب الكتب التي ابتاعها منهم.
- احتفظ بجدول في حاسوبي به كل عنواين الكتب التي أود قرائتها والتي جمعتها من مختلف المصادر، وأحاول أن اوفر منها كتب شهريًا بطلبها من المكتبة.
إن لم يعجبك كتاب، توقفي عن قراءته:
- إن كنتي تقرأين للمتعة (وليس للدراسة) فلا أرى أي سبب وراء إرغام نفسك على إكمال الكتب المملة. قرأت مره أن الشخص الذي يقرأ ٥٠ كتاب في السنة وعاش ليبلغ ٥٠ عام فإنه سيقرأ فقط ٢٥٠٠ كتاب. العدد ليس كبير، فيجب أن نختار الكتب بعناية ولا نرغم أنفسنا بقراءة كتب غير مثيرة لإهتمامنا ولا تبني ثقافتنا.
خصصي ميزانية للكتب
- يشتكي الكثير بأن الكتب غالية، لكن الجهل مكلف أكثر. يضع العديد منا المبررات لطلب وجبة عشاء، أو في تذكرة سينما لكن يستغلي ثمن الكتاب. يجب أن نعيد التفكير بأولوياتنا لا بأس بالترفيه، لكن المشكلة أن يكون كل الوقت ترفيه.
- هناك العديد من الطرق التي يمكننا الحصول بالكتب إذا كنا نشتكي من غلاء الأسعار:
- الحصول عليها بالنسخة الإلكترونية دائمًا يكون أرخص
- إستعارة كتب من الأصدقاء
- إستعارة الكتب من المكتبة العامة
- ادخار مبلغ محدد كل شهر، وبعد أن يتجمع المبلغ اذهبي للمكتبة بقائمة محددة من الكتب.
- اشتري كتب مستعملة.
- اشتركي اشتراك شهري في كيندل بمبلغ زهيد، ويتيح لك شهريًا قراءة المئات من العناوين.
- اطلبي من الأهل والأصدقاء أن يهدوك كتب في المناسبات إن سألوك عن اقتراحات للهدية
- تبادل الكتب مع الأصدقاء والأقرباء.
انضمي إلى نادي قراءة
إن إيجاد بيئة مهتمة بالقراءة من أكثر الأمور التي تشجع على القراءة، هناك العديد من النوادي القائمة والتي ترحب بأي شخص يقرأ مثل
- لنقرأ معًا
- نادي الكتاب الثقافي
- الكتاب الطائر
- رفد الثقافة
- صالون ضاد الثقافي
- نادي بصيرة الثقافي
- قراءاتي
- كلنا نقرأ
أو ببساطة يمكنك أنتِ إنشاء نادي خاص بك كما فعلت أنا وصديقاتي.
وأنتم يا أصدقاء، هل للقراءة أولوية في حياتكم؟ وكيف تختارون عناوين الكتب التي ستقرؤونها؟
شاركوا الموضوع مع من تحبون أن ترونه يقرأ
مع وقتنا الحالي صارت القراءة صعبة مع وجود المشتتات، الجوال وكل البرامج الي فيه
يعني زمان كنت دودة كتب .. بس الحين كل شهر ونص كتاب..
اعجبتني نصائحك واتفق معك بخصوص الكتب الألكترونية و اشتراك كندل
يوفر كثير بالذات للكتب الانجليزية لأنه شحنها غالي
شكراً لك لأنك مستمرة تشاركينا محتوى جميل
مرحبًا ريم،
سعيدة بتعليقك هنا جدًا، وشكرًا لك ولمحتواك الأجمل في انستقرام.
شكرا لك على هذه النصائح، جاءت في وقتها وانا بصدد محاولة صغيرة مع القراءة ، وفعلا جربت طريقة تحدي القراءة، خلال كل ثلاثي أقرأ مجموعة من الكتب، واكتب عنها في مدونتي “مدونة الأنيسان”
مرحبًا أنيسان،
مدونتك لطيفة وأعجبتني اختيارات الكتب التي كتبتي عنها، استمري بهذا التحدي وأتمنى لك قراءات ممتعة.
شكراً لك… نصائح أتت بوقتها… أرى أكثر مايشتت الآن الجوال يسرق الوقت منك. اما عن عوائقي للتي جعلت القراءة ثقيلة علي هي ان لم يعجبني الكتاب استمر بقرائته تصل احيانا لأكثر من اسبوع رغبة مني أن أكمله ولا اقرا اخر حتى انتهي… مرة اخرى شكراً لك متابعه لك هنا وبالانستقرام… استمري… 🙂
مرحبًا تغريد،
بالفعل أحيانًا نكمل قراءة كتاب لا يعجبنا على أمل أنه سيعجبنا في صفحة ما أو لأنه أعجب الكثير من الناس.
شكرًا لك على متابعتك الوفية هنا وفي انستقرام، لأجل القراء مثلك أكتب 🙂
أضحت مدونتك محطة دائمة أقضي بها (عصريتي)؛ وإن لم تكن هناك تدوينات جديدة، عُدت للقديمة.
ممتنٌ لفضل الله أن جعلكِ مدوِنة👏
اهلًا طارق،
سعيدة بوجودك وتعليقك وإعجابك الدائم، وأعتذر على أنني جعلت هذه المدونة موجهة للأنثى لكن إحصائيات المدونة تقول هناك فقط ٢٪ من القراء ذكور هههه.
شكرِا لك وللطفك، كلماتك أسعدتني حقًا.
تدوينتك هذه احدثت فارقاً لدي يا مها، من بعدها انهيت كتاب و الان انا بصدد الانتهاء من الثاني.
شكراً لإلهامك و مشاركتك طرق عملية للقراءة
سعيدة جدًا جدًا بهذا التقدم والفارق التي أحدثته التدوينة يا بثينة!