
اهلًا يا أصدقاء،
قبل الجائحة تعرفت على سيدة في مناسبة عمل كانت تجلس بجانبي، تتبادلنا أطراف الحديث وتحدثنا عن كتبنا المفضلة والمسلسلات التي نحب أن نتابعها بعد أن ينام أطفالنا. دعوتها بعد ذلك في مطعم مفضل لنتعرف على بعض أكثر وبعيدًا عن جو العمل. وبعد أن انسجمنا ووجدنا العديد من القواسم المشتركة بيننا، قررنا أن يتعرف أطفالنا على بعض حيث أنهم متقاربين في الأعمار. لكن للأسف جاء الحظر وغير مخطاطتنا.
قبل ٣ أشهر تقريبًا، تواصلت معي صديقتي ودعتني أنا وأطفالي لتناول طعام الإفطار في بيتها، لأن أطفالنا يستيقظون مع شروق الشمس، وبالفعل ذهبنا إلى هناك وكانت الزيارة لطيفة وانسجم أطفالنا مع بعضهم جدًا. قدمت لنا طعام الإفطار الشهي الذي من مناقيش اللبنة والزعتر وخضروات مقطعة مع غموس من الحمص وعصير البرتقال الطازج.
كان البيت صغيرًا لكنه يحتوي على جميع احتياجات عائلة صغيرة وطفلين. ويقع ضمن مجمع سكني كبير، يجمع البيوت حديقة مشتركة فيها ألعاب للأطفال ونافورة في المنتصف، أول شيء لاحظته في البيت عندما دخلته أنه صديق للطفل بشكل لم أره في أي بيت سابقًا، في المدخل هناك معاليق للمعاطف على طول الأطفال، وكرسي صغير ليجلسوا عليهم أثناء لبس أحذيتهم وتخزينها وتعليق حقائبهم. وعلى طاولة الطعام، كراسي طويلة يسهل تسلقها والجلوس عليها وتقاسم نفس طاولة البالغين.
طفلي عادة لا يدخل دورة المياه في أي مكان جديد عليه، وكانت هذه المرة الأولى التي يطلب مني ذلك بكل أريحية، استغربت كثيرًا وحينما دخلت دورة المياة زال هذا الإستغراب فورًا. لقد كان المكان مهيئًا للأطفال، ففيه الكرسي صغير، والشطاف قريب وسهل الإستخدام، ويوجد كرسي عند المغسلة ليصعد عليها الأطفال للإغتسال.
وبعدما انتهينا من طعام الإفطار، تساعدنا في تنظيف الطاولة وبعد ذلك أحضرت صديقتي نشاط قد جهزته مسبقًا للأطفال، وهو عجين سيشكلونه ثم يخبزونه وبعد أن يبرد سيطلونه بالألوان. تحولت طاولة الطعام من مكان للأكل إلى مكان للقص واللزق والعجن والتلوين، أعطتهم صندوق كبير يحتوي على كل ما يحتاجه العجين من فرادة وقوالب عديدة وطوابع ذات أشكال جذابة. انكب الأطفال يفردون العجين ويشكلونه بكل انسجام، وبعدها سحبت صديقتي عربة من زواية في غرفة الطعام فيها أولوان ومقصات وفرش وكل أنواع الصلصال. وساعدت الأطفال في اختيار ما يحتاجونه.
أما طفلي الثاني فأخذ يحبو جيئة وذهابًا في غرفة المعيشة التي تحتوي على جلسة مريحة ودولاب للكتب، ومطبخ صغير للأطفال وأدوات تنظيف خشبية. ثم فتحت صديقتي أدراج دولاب التلفاز لتعطيه ألعاب خشبية مناسبة لسنة، وأخذ يطفق فرحًا.
وبعد أن وضعوا الصغار العجين بالفرن بمساعدتنا، ذهبوا إلى باحة البيت الخلفية والصغيرة التي تحتوي على بيت بلاستيكي وطاولة صغيرة مع مقاعدها للجلوس، وأرجوحة وحبل للتسلق، ولعبوا هناك ليتركونا نرتشف قهوتنا على مهل ومراقبتهم عبر الزجاج المطل على الباحة.
لم استطع كتمان إعجابي بتفاصيل البيت المدروسة، وكيف أن البيت مرتب ولا يحتوي على الكثير من الأشياء، مريح جدًا للعين. وكيف أنه يحترم احتياجات الطفل لكن لا يبدو كالبيوت التي تستطيع المعرفة بأن الأطفال يغزونها فألعابهم مترامية في كل مكان، والألوان الفاقعة مشتتة وأصوات الألعاب مزعجة. شكرتني كثيرًا على ملاحاظاتي وقالت أنها بذلت جهدًا كبيرًا حتى يبدو البيت انسيابيًا وصديق للطفل هكذا ومريحًا للأب والأم على حد سواء، وأنها أخذت دورة في المنتسوري لترتب بيتها بطريقة تساعد الطفل أن يكون مستقلًا. وبالفعل هذا ما شاهدته وأعجبني.
رجعت من عندها وأنا مندهشة ومتعطشة لأعرف المزيد عن منتسوري، فأنا قد سمعت عن هذا المنهج لكن لم أقرأ عنه بتعمق، بحثت عن دورات ووجدت واحدة أعجبتني وأخذتها لمدة ٤ أسابيع، وكتبت جميع ملاحاظاتي وبدأت بإعادة ترتيب منزلي، زواية تلو الأخرى. وعندما رتبته كتبت جميع الأشياء التي أحتاجها من إيكيا، وذهبت واشتريتها ورتبت البيت لأطفالي حتى يحترم إحتياجاتهم، وكان أول تعليق من طفلي الكبير “ماما صار بيتنا مريح” وعندما سمعت تعليقه عرفت أنني نجحت في معرفة احتياجاته البسيطة.
- رتبت له ركن صغير في الصالة واسميته بنادي القراءة، خصصت له رفين من أرفف مكتبتي ووضعت فيها كتبة وكرسي مريح وأبجورة.
- أعدت ترتيب غرفة الطعام ونقلت مكان البوفية، لأخلق له مساحة لركن الأعمال الفنية، اشتريت عربة ورتبت بها جميع الألوان واحتياجات الرسم. ووضعت له طاولة وكرسي وعلقت له سبورة وحبل ليعلق عليه جميع رسوماته وأعماله الفنية.
- أما في المطبخ فأحضرت له كرسي طويل ليأكل معنا بنفس الطاولة، وأحضرت له سلم صغير ليساعدني في الطبخ، ووضعت جميع صحونه وكاساته وملاعقة في درج يسهل عليه فتحه والوصول إليه.
- أما في دورة المياة، فوضعت له سلة صغيرة للغسيل، وسلم آخر تحت المغسلة وتحت إنارة الحمام ليفتحها دون الحاجة لمساعدتي وبالطبع مقعد الحمام المناسب له.
- أما في غرفته فأنا لازلت أعمل عليها، لأنني سأنقل أخيه معه فأحتاج إلى دراسة المساحة المتبقية بعد وجود سريرين. لكن بالمجمل ألعاب طفلي محدودة جدًا لا نملك الكثير من الألعاب، لكنه بالمقابل يلعب في كل شيء يملكه وهو أخوه كل يوم تقريبًا.
استغرق الأمر مني طويلًا من الوقت لأرتب المساحات لأطفالي، فكنت أحضر الورشة واكتب ما تعلمته وأشاهد العديد من الفديوات على يوتيوب، ثم أرتب وأعيد ترتيب كل شيء. لم اشترِ أى شيء في البداية، فكنت استخدم فقط ما بحوزتي إلا أن انتهيت من الدورة وتريتب كل الأركان ومن ثم كتابة مالذي سأحتاجه بالضبط قبل الذهاب إلى إيكيا وتغمرني الخيارات اللامتناهية.
أصبح طفلي يحس بالإنتماء أكثر لبيته، ويفعل العديد من النشاطات لوحده دون مساعدة مني. وعندما استضيف الزوار من الأطفال الصغار أرى الفرحة في أعيننهم عند اللعب بالأركان، حيث يقضون الساعات باللعب الحر والرسم والتلوين.
سأضع لكم جميع المصادر التي استفدت منها:
- قناة يوتيوب: The Happa Family
- قناة يوتيوب: The Parenting Junkie
- كتاب: The Montessori Toddler
- أما بالنسبة للمصادر العربية فأنا أرى أن د. إيمان بطيخة مثال رائع ولديها العديد من الفيديوات عن المنتسوري في انستقرام ويوتيوب.
ماذا عنكم يا أصدقاء، هل سمعتم عن منهج المنتسوري من قبل؟ وهل تطبقونه في منازلكم؟
وإن أعجبتكم التدوينة أرجو أن تشاركونها من تحبون.